على مر العصور كان أهم سبب من أسباب نجاح القادة العسكريين التفاف الجنود حولهم وولاءهم لقضيتهم، ما كان يشكل سدا منيعا أمام الاختراق، ناهيك عن وحدة الكلمة والصف أمام الأعداء، وإن فتشنا في صفحات التاريخ وجدنا أمثلة كثيرة من يوم آدم إلى يومنا هذا.
قادة أقوياء بجنود أوفياء
لعل أبرز مثال على وفاء الجند لقادتهم هم الصحابة رضوان الله عليهم، الذين كانوا لا يخرجون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما زادهم قوة إلى قوتهم، فكان الجيش المسلم حينها يأتمر بأمر رجل واحد، ونرى ما حدث في غزوة أحد عندما خالف بعض الرماة أمر قائد الجيش محمد صلى الله عليه وسلم، ويعد هذا مثال بليغ عن النتائج العكسية لاختلاف الجند والخروج عن الأوامر العسكرية.
وللتاريخ الكثير من العبر والأمثلة على التفاف الجند حول القادة، كما حصل للقائد صلاح الدين الذي نجح بتحرير بيت المقدس، بعد أن وحد الجهود العسكرية وصنع مقاتلين أصحاب مبادئ ثابتة، كذلك حصل لسيف الدين قطز، وعبد الرحمن الداخل وغيرهم الكثير…
نجاح الثورة السورية بإفراز قادة مميزين
خلال سنوات الثورة السورية ظهر العديد من القادة الذين برعوا في فن القيادة، ونجحوا عسكريا وسياسيا، إذ كسبوا قلوب الجند، ومن ذلك أمثلة كثيرة.
ومنهم على سبيل المثال لا الحصر “حجي مارع” الذي ما تزال كلماته نبراسا للثائرين، فكلماته البسيطة أضحت أدبيات يتناقلها الثوار وتدار خلال المجالس الثورية، فكان قائدا عسكريا ناجحا تمتع بشعبية كبيرة وقبولا عجيبا لدى المقاتلين في صفوف لواء التوحيد.
وبرز أيضا القائد العسكري المعروف “أبو عمر سراقب” الذي برع في رسم الخطط العسكرية وتنفيذها بكل دقة، إذ تمتع بشخصية قيادية حازمة تارة ورحيمة تارة أخرى لدى مقاتليه وحتى مع كل الفصائل، فامتلك حركة ديناميكية حرة من خلال توجيه القوات حيثما أراد دون تأخير وذلك بسبب توافق عجيب وتناغم كبير بين الجند والقائد.
صمود أسطوري ومقاتل مؤمن بقضيته
أثبت المجاهدون خلال الحملة الأخيرة على الشمال المحرر، إيمانهم بقضيتهم عندما صمدوا في خنادقهم، ملتفين حول قادتهم، فاستطاعوا إفشال الحملة وإجبار العدو على التوقف، ليلجأ حينها لضرب الصلة بين القادة والجند عبر بث الإشاعات الكاذبة، وتجنيد ضعاف النفوس، واللجوء لأشكال جديدة من فنون الحرب ألا وهي القتال الليلي التي نتج عنها ما نتج بسبب ضعف المجاهدين بهذا الجانب.
واليوم يمتلك المحرر رباطا وثيقا بين القادة والجند، وعلاقة كبيرة تحكمها الثقة والإيمان بالقضية الواحدة والشفافية التي تعد أهم أسباب النصر في المعركة القادمة، لن يزحزحها وقوع البعض في معسكر العمالة ولا وقوفهم لجانب قاتل أهلهم، فما يحرك جند الحق هو عقيدتهم بالبداية والتي لن تتزحزح بعون الله.