أكملت الثورة السورية ربيعها الثاني عشر فمنذ انطلاقها عام 2011 في شهر آذار لم يعل أي صوت فوق صوت المدفع بعد أن أفرطت عصابات الأسد وداعموها باستخدام القوة ضد الشعب السوري.
السنوات الـ 12 خلفت دمار أكثر من 80 بالمئة من البنية التحتية، وأسفرت عن ارتقاء أكثر من نصف مليون شخص بفعل آلة الإجرام الأسدية بينهم 27 ألفا من النساء ونحو 28 ألف طفل، كما بلغ عدد اللاجئين نحو 6 ملايين توزعوا في أصقاع العالم، ونحو 11 مليون نازح، ناهيك عن مأساة المعتقلين الذين فاقوا الـ 200 ألف، بينهم أكثر من 3600 طفل و8470 امرأة.
هدوء نسبي وثبات في الخريطة
لم تتغير خرائط السيطرة في العام الثاني عشر من عمر الثورة السورية فبعد حملة الروس على الشمال المحرر عام 2020 توقفت العمليات القتالية بشكل نسبي، واقتصرت على عمليات التسلل للعدو التي كانت تفشل في معظمها وغالبا ما كان يقع في صفوف العصابات خسائر جسيمة، ويرى محللون أن عصابات الأسد ليست قادرة على خوض معارك إضافية في ظل انشغال المحتل الروسي بالحرب الأوكرانية بالإضافة للنزيف البشري الذي تتعرض له في مناطق يفترض أنها تسيطر عليها كدرعا وبادية دير الزور، ناهيك عن عدم امتلاك قرار المعركة من قبل الأسد فالقرار أضحى بيد المحتل الروسي الذي لم يستطع إلى الآن الخروج من المستنقع الأوكراني.
تراجع روسي وتمدد إيراني
من مميزات العام الثاني عشر للثورة السورية تراجع الوجود الروسي العسكري إثر خسائره المتلاحقة في أوكرانيا، فقد اضطر إلى تقليص قواته في سوريا بعد خسارة جنرالات مهمة وذات باع طويل في الحروب أثناء الحرب الأوكرانية بالإضافة إلى سحب منظومات دفاعية كان قد نصبها في سوريا، فأسال ذلك لعاب المحتل الإيراني الذي رأى في ذلك فرصة لا تفوت لتوسيع نفوذه في بوادي الجزيرة العربية وحلب بل وحتى المنطقة الوسطى والعاصمة دمشق، وذلك بعد استلام عدة مناطق ومعسكرات من المحتل الروسي.
تكثيف الضربات الإسرائيلية
شهد العام الفائت تكثيف الضربات الإسرائيلية على مواقع عصابات الأسد والميليشيات الإيرانية فبلغت نحو 40 غارة خلفت نحو 100 قتيل وأكثر من 125 جريحا، كما استهدفت أنظمة دفاع جوي وشحنات أسلحة ومواقع تصنيع للصواريخ وتطويرها، وأبرز المناطق المستهدفة كانت مطار حلب وخروجه عن الخدمة، ومحيط مدينة مصياف غرب حماة ومواقع في العاصمة وحولها، أيضا شهد هذا العام تصريح المحتل الإيراني عن إدخاله منظومة دفاع جوي منذ أسابيع وتدعى منظومة” خرادار”، وفي ذات السياق استهدف التحالف الدولي في سابقة جديدة مقرا للميليشات الإيرانية بدير الزور قبل أيام يحوي ذخيرة وأسلحة، وذلك بعد إقرار أمريكا قانونا لمحاربة صناعة مخدرات الأسد وتجارتها.
تسارع العمليات الانغماسية وزيادة نجاعتها
شهدت الثورة السورية في عامها الثاني عشر تزايدا ملحوظا في العمليات الانغماسية التي نفذتها فصائل الفتح المبين وعلى رأسها تحرير الشام، واستطاع الثائرون أن يضربوا عقر دار العدو في جورين وجبل طوروس والنقاط الخلفية على أطراف جبل الزاوية وريف حلب الغربي، مخلفين عشرات القتلى في صفوف عصابات الأسد بالإضافة للرعب والشعور بالانهزامية الذي انتاب العصابة، فزمام المبادرة عاد إلى أيدي الثوار من جديد.
تبلور مؤسسات الثورة وإرساء قواعدها
تميز العام الماضي من سني الثورة بتبلور رؤية واضحة وإستراتيجية لمؤسسات الثورة الحديثة بعيدا عن البعث والأسد، فكان تشكيل الكلية العسكرية وانطلاقها نجاحا كبيرا لصالح الثورة السورية التي باتت أكثر تنظيما من الناحية العسكرية، وخرجت أولى دفعاتها متجاوزة كل الصعاب والتحديات، لتضع اللبنة الأولى في تشكيل جيش قادر على تحرير الأرض وطرد الغزاة.
ويحيي السوريون ذكرى الثورة الثانية عشرة رغم الجراح والتضحيات، ليجددوا العهد بالثبات حتى النصر والثأر للشهداء وفك المعتقلين، ليسدل الستار على عام جديد لم يكتب فيه النصر، ولكن الثائرين استطاعوا تحقيق مكاسب عظيمة وتنظيم صفوفهم أكثر، وإيجاد آليات عمل فاقت توقعات العالم وأثبتت جدارتهم بقيادة سوريا.