يشكل مخيم الهول مأساة من عشرات المآسي التي مرت على أرض سوريا، إذ يعد سجنا كبيرا معظم ساكنيه من عوائل تنظيم الدولة الذي قُضي عليه وأُسر من استسلم من مقاتليه وأُبيد من رفض الاستسلام، ففي المخيم عشرات الآلاف من الأطفال ومثلهم من النساء، ولا تصل صرخات واستغاثات المحتجزين فيه إلى أروقة الأمم المتحدة وعواصم القرار، باستثناء قلة يرونه ”قنبلة موقوتة“ يجب معالجتها قبل أن تنفجر في أي لحظة.
60 ألف شخص … في صحراء قاحلة
يعيش في مخيم الهول المقام على تخوم الصحراء قرب الحدود السورية العراقية، نحو 60 ألف شخص، وهو ضعف طاقته الاستيعابية، وهم ينحدرون من نحو 50 جنسية، بينهم 27 ألف طفل على الأقل من سوريا والعراق وأكثر من 60 دولة أخرى، يعيشون وسط بيئة شديدة القسوة وسط تجاهلهم أو رفض استعادتهم من قبل دولهم.
عمليات القتل لا تتوقف
يشهد مخيم الهول انفلاتا أمنيا غير مسبوق، فعمليات الاغتيال تحدث بشكل شبه يومي رغم الحملات الأمنية التي تقوم بها قوى الأمن الداخلي “آسايش” التابعة لميليشيا قسد والقوات المسيطرة على المخيم حيث أعلنت الأمم المتحدة أن عدد ضحايا جرائم القتل المرتكبة داخل مخيم الهول للنازحين خلال عام ونصف بلغ قرابة 100 ضحية معظمهم من النساء، وسط تأكيدات بأن عدد القتلى داخل المخيم هو أكبر بكثير من الأرقام المعلنة.
ضحايا إهمال طبي
وقعت في مخيم الهول خلال الأشهر الماضية عدة وفيات نتيجة نقص الرعاية الطبية وعدم توفر كادر طبي قادر على معالجة بعض الحالات العاجلة والإسعافية، بالإضافة لنقص حاد في الأدوية وافتقار المراكز الطبية الموجودة فيه للمعدات الحديثة، مع منع “الأسايش” خروج المرضى للتداوي خارجه إلا للحالات الضرورية.
انسحاب المنظمات من المخيم
تعرضت نقطة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” في مخيم الهول لمحاولة قتل طبيب إثيوبي، وعلى إثرها سحبت اللجنة وعدد من المنظمات الدولية الإنسانية طواقمها من المخيم، خشية حصول هجمات دموية أخرى وقررت تعليق جهودها الإغاثية والإنسانية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية.
كما استهدف مجهولون مسعفاً يعمل في “منظمة الهلال الأحمر” الكردية الطبية، ما تسبب في تراجع دور المنظمات الدولية والمحلية جراء التهديدات وتقديمها الخدمات بالشكل المطلوب.
الدول تتملص من استعادة رعاياها من مخيم الهول … نساء وأطفال لا يريدهم أحد
دعا منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة “عمران رضا” الدول التي تملك رعايا داخل المخيم إلى “تحمل مسؤولياتهم وإخراج رعاياهم بصورة عاجلة، وتقديم الدعم الكامل لإدارة المخيم من أجل تحسين أوضاع النازحين وتأمين الخدمات الطبية والمساعدات الغذائية، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والصحية والنفسية للنازحين فيه”,إلا أن الدول المعنية تغاضت عن هذا الملف النازف منذ سنوات، وتجاهلت أسر رعاياها بينما تركز اهتمام بعضها على استعادة الأطفال اليتامى فقط.
الدول تكتفي بجمع معلومات مخابراتية
أكد حقوقيون أن عملية “جمع معطيات” حدثت في مخيم الهول، استهدف فقط العائلات التي لها صلات بمقاتلي تنظيم الدولة الأجانب، حيث جُمعت بيانات شخصية للغاية عن النساء والأطفال في ظروف لا يمكن فيها منح الموافقة بحريّة، وأعربوا عن خشيتهم من أن يكون الهدف من جمع المعطيات تحديد “رعايا الدول الثالثة” الذين قد يشكلون خطرا أمنيا، وإرسالها لدول المنشأ لاستخدامها كأساس لتحديد مسار التصرّف بالنسبة لمواطنيها.
سيبقى مخيم الهول معضلة لا حل لها وسط رفض الدول استرجاع مواطنيها، فآلاف الأطفال والنساء يعيشون في بيئة صحراوية قاسية، ولا حل إلا بلجوء الدول المعنية لقرارات سريعة تنظّم عودتهم إلى أوطانهم الأصلية، الأمر الذي يبدو بعيدا.