عندما تنقلب الموازين وتختلط المفاهيم ويصبح المجرم قاضيا والقاضي جلادا، نرى هذه المسرحيات التي تثير فينا مشاعر مختلطة من سخرية وضحك وقهر وغضب في الوقت ذاته، إذ دعا الإنتربول الدولي عصابات الأسد والتي تعد أكبر مصدر للمخدرات في العالم ولم تكد تسلم دولة من تجارته -وخصوصا حبوب الكبتاغون (ومن هنا جاء مصطلح نظام الكبتاغون)- لمؤتمر دولي يسعى لمكافحة تهريب المخدرات!
عصابات الأسد تتبجح بدعوتها للمؤتمر
أعلنت وزارة داخلية العصابات بتبجح أنها وبدعوة من الأمانة العامة لمنظمة الانتربول (وحدة المخدرات في الانتربول) وبالتنسيق مع مكتب الإنتربول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شاركت في عملية “Lion Fish”والتي تتناول تجارة المخدرات غير المشروعة والتي عقدت في الإمارات، بحوار مفتوح وعروض تقديمية من الدول المشاركة واقتراح حلول لتعزيز التعاون الدولي ومشاركة المعلومات التي تمكن الأجهزة المعنية من القيام بدورها !.
عصابات الأسد أكبر مصدر للمخدرات في العالم
على وقع العقوبات الاقتصادية والخسائر التي عانت منها عصابات الأسد بعد اندلاع الثورة وخسارتها للنفط والثروات التي كانت تجنيها طيلة عقود على حساب السوريين، ركزت العصابة على تجارة المخدرات التي كسبت من الاتجار بها مليارات الدولارات متجاوزة الصادرات القانونية، لتتحول بذلك إلى أكبر مصدر للمخدرات في العالم.
يعد الكبتاغون العنصر المخدر الرئيسي الذي يهرب، وهو عبارة عن أقراص مخدرة ممنوعة تسبب الإدمان وتعاطيه شائع في الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية، إذ تصنع كحبوب في مناطق سيطرة عصابات الأسد، ثم تغلف في مصانع أخرى ثم تخفى وتهرب من خلال شبكات التهريب التي تنقلها إلى الأسواق الخارجية.
الفرقة الرابعة صاحبة النصيب الأكبر في تهريب المخدرات
توصل تحقيق أجرته صحيفة غربية إلى أن الفرقة الرابعة تشرف على جزء كبير من عملية إنتاج حبوب الكبتاغون وتوزيعها، بالإضافة لرجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بجماعة حزب الله اللبناني وبرأس العصابة بشار الأسد ويضمن لهم قربهم من عائلته الحماية من المحاسبة على الأنشطة غير القانونية.
الأردن ممر المخدرات إلى دول الخليج
بحكم موقعه الجغرافي بين بلدان منتجة للمخدرات كسوريا ولبنان، يعد الأردن ممرا للمخدرات إلى دول الخليج وغيرها، كما ارتفعت نسبة استهلاك المخدرات فيه والجرائم الناتجة عنها مما دفع القوات الأردنية للتصرف بشكل حازم مع عمليات التهريب المستمرة على حدودها، وبما أن عصابات الأسد والنظام الأردني قريبان من بعضهما، خرج الأردن بتصريحات يبرئ فيها عصابات الأسد من مسؤوليتها عن التهريب ويتهم ميليشيات “إرهابية” مسلحة تابعة لإيران بتهريب المخدرات ومحاولة زعزعة الأمن القومي في البلاد، رغم وضوح تورط العصابة في عمليات التصنيع والتهريب وقيام أدلة كثيرة على ذلك.
“حاميها حراميها”
من الأمثال المنتشرة في البلدان العربية وخصوصا في بلدان المشرق مقولة “حاميها حراميها”، فيستشهد به الناس للسخرية من المسؤولين والأنظمة القائمة على الرشوة والسرقة والتي تدعي محاربة الفساد بينما هي أكبر مفسد، فكيف يشارك أكبر مصدر مخدرات في العالم في مؤتمر لمحاربة تصدير المخدرات؟ لأجل تبادل المعلومات مع بعض دول الخليج لتتمكن من معرفة المسؤول عن تهريب المخدرات والقيام بدورها في محاربته! بينما الجاني والمجرم والقاتل بين أيديهم يتباكى على الأطلال ويشارك في جنازة المقتول!.
المخدرات دمار للبيوت والأخلاق
المخدرات أكبر وسيلة لتدمير العائلات والأخلاق، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة ويتسبب في انعدام الاستقرار والأمان، بالإضافة لمفاسده الدينية حيث حرمت النصوص الشرعية بشكل قطعي كل مسكر ومخدر، ما دفع الدول لمحاربة المخدرات بشكل حازم، إلا أن هذه التجارة في ازدياد لما فيها من إغراء وعائدات مادية مهولة، وأصبحت عصابات التهريب تستخدم طائرات بدون طيار ومركبات مخصصة باهظة الثمن لهذا الغرض، مما يحتم على المسؤولين بذل مجهود أكبر لمحاربة هذه الآفة والجريمة المنظمة.
بنت عصابات الأسد إمبراطورية مخدرات -كما وصفتها بذلك إحدى الصحف الغربية- على أنقاض مدن السوريين الذين هجرتهم, عادت عليها بعشرات المليارات من الدولارات، حيث ضبطت الكثير من الدول مثل اليونان وإيطاليا والسعودية شحنات مخدرات تحتوي عشرات الملايين من الحبوب المخدرة قادمة من ميناء طرطوس أو المعابر الحدودية، وما هذه الشحنات المضبوطة إلا نزر يسير من إجمالي الحبوب المروجة ما يدل على ضخامة حجم هذه التجارة، كما بدأت العصابة في ترويج مخدرات أخرى أكثر خطورة وفتكا مثل “الكريستال ميث”، كل هذا وتتمتع العصابة بحصانة من المحاسبة في ظل حماية روسية إيرانية.