تشهد إيران سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات بدأت في الـ14 من أيلول الماضي ولم تتوقف حتى اللحظة عقبَ مقتل الشابّة من أصل كردي “مهسا أميني” بعد تعرضها للضرب المبرح أثناء احتجازها واعتقالها من قِبل شرطة الأخلاق.
المظاهرات تعم معظم المدن الإيرانية
خرجت مظاهرات في عدة مدن أبرزها مدينة زاهدان بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق البلاد، ورفع المتظاهرون شعارات ضد النظام وشرطة الأخلاق، وبث ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورا لاحتجاجات في مدن مشهد وكرمان والأهواز وتبريز.
الحكومة تزعم اعتقال أجانب و”تكفيريين”
كعادة جميع الأنظمة الديكتاتورية في تشويه المظاهرات، ادعت وزارة الاستخبارات الإيرانية توقيف العشرات وضبط كميات من المواد المتفجرة على خلفية الاحتجاجات التي تجتاح عدة مدن، وادعت أنها أوقفت 9 أجانب من ألمانيا وبولندا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والسويد في أماكن الاحتجاجات داخل البلاد، إلى جانب توقيف 49 شخصا قالت: “إن لهم علاقة بمنظمة “مجاهدي خلق”.
وألصقت الوزارة تهما للمعتقلين بنشر أخبار كاذبة بهدف تحريك المحتجين والقيام بعمليات إرهابية وتخريب الأملاك العامة ومواجهة قوات الشرطة، وأشارت إلى أنها اعتقلت أيضا 5 أشخاص ينتمون إلى ما وصفتها بالجماعات الإرهابية التكفيرية، وقالت إنه كان بحوزتهم 36 كيلو غراما من المواد المتفجرة كانوا ينوون استعمالها في الاحتجاجات.
قتلى وجرحى في الاحتجاجات …
وأكثر من ألف معتقل
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إن 41 شخصاً على الأقل قتلوا في الاحتجاجات، وسط تأكيدات بأن الحصيلة قد تكون أكبر بحسب ما أظهرت المقاطع المصورة، كما أعلن “حقوق الإنسان في إيران” عن مقتل 54 متظاهراً على الأقل في الحملة القمعية إلى جانب إصابة المئات، واعتقال 1800 معتقل بينهم عشرات الصحفيين.
مظاهرات مؤيدة للنظام الإيراني
وعلى خطى الأنظمة الاستبدادية، حشدت حكومة المحتل الإيراني مظاهرات مؤيدة في طهران ومحافظات أخرى تردد شعارات داعمة للنظام ومنددة بمن يقف وراء هذه الأعمال، وداعية لعدم المشاركة في تلك الاحتجاجات، وأكد المتظاهرون فيها استعدادهم للدفاع عن النظام وإدخالها في حرب أهلية، مشابهة لشبيحة ومؤيدي الأسد الذين رفعوا شعار “الأسد أو نحرق البلد”.
تأثير المظاهرات في إيران على الثورة السورية
تدخلت إيران عند اندلاع الثورة السورية لمنع سقوط عصابات الأسد، وكانت سببا مع روسيا في منع سقوط العصابة وإطالة الحرب إلى يومنا هذا، وما نتج عنها من ملايين الشهداء والجرحى والمهجرين، والدمار الهائل الذي أصاب القرى والبلدات والبنية التحتية والذي لا يمكن إصلاحه إلا بعد جهد كبير وتكلفة باهظة ومدة طويلة.
ولا شك أن المظاهرات اذا طالت في إيران ستساهم في إضعاف هذا النظام المجرم والذي يُعدُّ أحد أكثر الأنظمة فساداً في دول العالم بحسب أحدث تقارير منظمة الشفافية الدولية بخصوص مؤشر الفساد في عام 2021 إذ احتلت إيران المرتبة 150 بين 180 دولة، في حجم انتشار الفساد المالي، كما يعاني الإيرانيون من أزمات اقتصادية حادة وانهيار العملة الوطنية إلى مستويات قياسية، وارتفاع نسب التضخم، وارتفاع نسب الفقر والبطالة بشكل هائل.
كما ستدفع هذه الاحتجاجات إلى انشغال إيران بنفسها ومشاكلها الداخلية وكف يدها عن الدول التي تمددت فيها وتقليص نفوذها وقطع أذرعها التي تغلغلت جغرافياً وإستراتيجياً واقتصادياً في سوريا واليمن والعراق إلى حد كبير، إلا أن ذلك مرهون باستمرار المظاهرات وتمدد رقعتها واستغلال ذلك من المعارضين لهذا النظام المجرم وإيقاع أكبر خسائر اقتصادية وعسكرية فيه ما يجبره على الانكفاء حول نفسه.
تعد الاحتجاجات الحالية المناوئة لنظام المحتل الإيراني هي الأكبر منذ احتجاجات عام 2019 التي قتل فيها 1500 شخص وجرح عشرات الآلاف واعتُقل فيها ما يزيد عن سبعة آلاف متظاهر، والتي تمكن النظام الإيراني من قمعها حينها، فهل ستكون نتائج هذه الاحتجاجات مختلفة عن غيرها؟ ويتمكن الإيرانيون من إسقاط النظام الجاثم على صدورهم وتحسين واقعهم المعيشي والتنعم بثرواتهم التي باتت تمول بها أذرع الشر التي توغلت في المنطقة؟