بدت تصريحات المسؤولين الأتراك في الفترة الأخيرة مغايرة تماما لمواقفها إزاء الثورة السورية منذ بداياتها، وباتت حدة الخطاب تتراجع شيئا فشيئا حتى وصلت لإمكانية المصالحة دون أي شروط مسبقة، قد نشهدها في أي وقت.
وحول ذلك قامت منصة الإعلام العسكري بإجراء استطلاع للرأي عن الدوافع القابعة خلف تحول سياسة تركيا تجاه الثورة السورية عصابات الأسد فرأى الأغلبية ونسبتهم 37 % أن اقتراب الانتخابات الرئاسية في تركيا والمزمع إجراؤها العام المقبل أجبرت تركيا على تغيير بعض مواقفها الدولية للاستعداد للمعركة الداخلية خاصة بعد الاصطفاف لـ 6 أحزاب من المعارضة الشعبية بعد انضمام حزبين إليها، والأهم هو نية تلك الأحزاب الإجماع على مرشح رئاسي يمثلها، بالمقابل شهد حزب العدالة والتنمية انقسامات أبرزها خروج الشخصية البارزة “أحمد داود أوغلو” بالإضافة لـ “علي باباجان” مما فرض على حكومة أردوغان إعادة النظر بمواقفها من الثورة لحشد الرأي العام معها.
فيما يرى 18% أن الضغوطات الروسية بشكل خاص والدولية بشكل عام دفع بتركيا لتغيير موقفها وذلك بعد تلقيها دعم اقتصادي روسي قدر بأكثر من 5 مليارات دولار مما أمن للبنك المركزي القطع الأجنبي إذ وصل صافي احتياطاته 15.7 مليار دولار، ناهيك عن الاستثمارات الروسية في تركيا في العقارات إذ بلغ الاستثمار أكثر من 1273 عقارا أضف إلى ذلك السياح الروس الذين باتوا يتوافدون بغزارة نحو تركيا.
وذهب البعض ونسبتهم نحو 15% أن عودة العلاقات بين تركيا والأسد يحقق لتركيا أهدافا عديدة منها مزيدا من التقارب الروسي التركي خاصة وأن المحتل الروسي راعيا للأسد، وأيضا المكاسب الاقتصادية التي ستجنيها تركيا من إعادة العلاقات حيث تعد سوريا بوابة تجارية مغرية للبضائع التركية نحو دول الخليج العربي كما كانت قبل الثورة السورية.
واختارت شريحة من المستطلعين ونسبتها 15% أن سعي تركيا لإعادة علاقتها مع الأسد جاء لحل مشكلة اللاجئين السوريين على أراضيها والذين يبلغ عددهم أكثر من 4 ملايين لاجئ فهي تهدف لإعادة اللاجئين بعد تصاعد حدة العنصرية تجاههم وانتقاد الحكومة بالسماح لهم بالمكوث في تركيا لفترة طويلة، في المقابل أبدى اللاجئون تخوفهم من العودة حتى مع وجود تفاهمات تركية مع عصابات الأسد، فمصيرهم الاعتقال أو القتل، إذ وثقت عشرات حالات الاعتقال والقتل لأشخاص عادوا من تركيا لمناطق سيطرة الأسد.
وتقول شريحة أخرى نسبتها 9%: إن الحكومة التركية بدأت بإعادة النظر في كثير من المواقف الخارجية بعد ارتفاع نبرة المعارضة التركية والاعتراض على كثير من القرارات السياسية والاقتصادية ما جعل الحكومة تلجأ لتدابير تهدئ الاحتقان المعارض كوعودها بحل الأزمة الاقتصادية وقطف ثمار السياسة الاقتصادية في الربع الأول من العام المقبل في جانب آخر بدات تبحث عن حلول غير تقليدية للقضية السورية إذ أن موقف أردوغان من الثورة السورية إحدى أكبر مآخذ المعارضة عليه.
ويرى 6% أن تركيا تسعى لعودة الاستقرار لحدودها الجنوبية كخيار لدرء شر ميليشيا قسد التي اقتنصت فرصة الثورة وظروف الحرب فعملت على استغلال الشعب السوري وتجنيده إلزاميا لتنفيذ مشاريعها وبناء دولتها المنشودة وهذا ما تسعى تركيا لمحاربته، خاصة بعد التقارب بين ميليشيا قسد وعصابات الأسد فرأت تركيا أن تحيد الأسد عبر إعادة العلاقات معه.
لكنه مع تعدد الأسباب ووجود التصريحات التي تسهل من وعورة الطريق إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك فما زالت الطائرات التركية تستهدف مواقع مشتركة لعصابات الأسد وميليشيا قسد، وما زال أيضا التراشق المدفعي بين نقاط تركيا وعصابات الأسد موجودا على جبهات أرياف إدلب وحلب، الأمر الذي يفتح المجال لسيناريوهات كثيرة ومختلفة قد تشهدها المنطقة في قادم الأيام.