لم تكن الثورة السورية ثورة سياسية فحسب بل بدأت سياسية وشملت جميع نواحي الحياة في سوريا، فكل ما عمل نظام الأسد على تكريسه خلال حكم حزب البعث، نسفته الثورة السورية، فأطاحت بكل ما كان منافيا للعادات والتقاليد والهوية السورية.
واليوم بعد أحد عشر سنة نرى أن الثائرين حققوا مكاسب عديدة بينما مازالت مناطق سيطرة عصابات الأسد تعاني ذات المعاناة ما قبل الثورة بل زاد الأمر سوءا، ولعل أهم ما حققته الثورة هي حرية التعبير والنقد دون قيود أو ملاحقة أمنية.
بالإضافة لإنجزات كثيرة كعودة الهوية الإسلامية التي عمل نظام البعث على طمسها بحجة محاربة الإخوان المسلمين، وتحرير الكوادر العلمية من تسلط الاستبداد، والألفة بين أطياف المجتمع التي كانت متنافرة بسبب زرع النظام أفكارا مغلوطة عن المكون الأكبر وهم السنة.
ومن النتائج أيضا زيادة الوعي لدى الشباب وكشف الوجه الحقيقي المخادع للعالم، بينما تحرر المجتمع من الكثير من العادات السيئة المنافية للمجتمع السوري، والتي زرعها النظام داخل البيوت السورية وفي المدارس والجامعات والشارع.
وللوقوف على أبرز نتائج الثورة وإنجازاتها قمنا باستبيان على منصتنا الإعلام العسكري، فاعتبر نحو 25 بالمئة أن عودة الهوية الإسلامية للشعب السوري هي أبرز الإنجازات، فما كانت تعرضه شاشات الدراما التابعة لنظام الأسد من تشويه ومحاولة تصدير الشعب السوري على أنه متحلل من جميع الأخلاق والشعائر الإسلامية محض افتراء.
ويرى آخرون بنسبة 20 بالمئة أن الثورة فاضحة لسياسة الكيل بمكيالين للعالم المنافق الذي دعم أوكرانيا بمختلف الأسلحة في حين ترك الشعب السوري الأعزل يواجه المحتل الروسي بيدين عاريتين.
بينما يرى 20 بالمئة أن الثورة زادت الوعي لدى الشباب الذين كانوا مغيبين عن الساحة وما تفعله الدائرة الضيقة بمقدرات الشعب وثروات البلاد واغتصاب السلطة لأكثر من 60 عاما وغيرت أيضا الكثير من العادات والتقاليد السيئة التي كان يرسخها نظام البعث بطرق ممنهجة ابتداء بطلائع البعث التي تربي الطفل منذ نعومة أظافره على نمط اجتماعي مخالف للأسرة التي نشأ فيها وانتهاء بالوظيفة التي لا يحصل عليها إلا من أعلن ولاءه للحزب الحاكم وكان ضمن صفوفه، فكانت الثورة نورا لذلك الظلام المخيم على عقول الناس وتصرفاتهم، كما اعتقد15 بالمئة أن الحرية العامة إنجاز لثورة الكرامة.
في حين ذهب 10 بالمئة إلى أن الثورة أظهرت الكوادر العلمية المدفونة في ظل سياسة النظام القائمة على الاستيراد وعدم تشجيع الكفاءات المحلية الذين نراهم اليوم يبدعون وينالون المراكز العليا في دول المهجر رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها.
ورأى 10 بالمئة أن الثورة أحدثت نوعا من الاصطفاف لأطياف الشعب السوري ضد المحتل والمستبد بعد كشفه على حقيقته، حيث كان يسعى لزيادة الشرخ بين المكون العربي والمكون الكردي من خلال التحريض وخلق الفتن كما حدث في حادثة الأكراد إثر مباراة كرة قدم في الشرق السوري ذات الغالبية الكردية والتي تحولت لانتفاضة كردية ضد النظام آنذاك إلا أن عصابات الأسد حولتها لاقتتال عربي كردي مستخدمة القوة في قمعها.
ويمكن القول: إن الثورة السورية فجرت أيضا الطاقات البشرية الموجودة في المناطق المحررة، فاستطاعت رغم قلة الموارد وقيام الحرب الضروس أن تنشأ الإدارات المدنية والخدمات بما فيها قطاع الصحة والتعليم وغيرها …. والأهم من ذلك كله بناء شخصية مقاتل صاحب عقيدة يحارب لهدف سام، كما طورت الثورة من أدوات الحرب واستطاعت أن تجاري بأسلحتها البسيطة ترسانة المحتلين الروسي والإيراني وميليشيات الأسد.