بدأت الثورة السورية منذ أكثر من عقد واضحة المعالم عندما ثار الشعب السوري على نظام قمعي مستبد استأثر السلطة لعقود، وحققت الثورة مكاسب عديدة في أعوامها الأولى إلا أن استنجاد عصابات الأسد بالمحتلين الإيراني والروسي وعشرات الميليشيات الطائفية جعل الساحة معقدة وباتت المهمة أصعب على السوريين فهم يحاربون نصف العالم إن لم يكن أكثر.
ولم يقف الحاجز العسكري في وجه الثائرين السوريين فقط بل حاولت الأطراف المعادية سواء روسيا أو إيران أو حتى بعض الدول العربية كالإمارات من اللعب على الحبل السياسي ومحاولة شق الصف داخل الثورة السورية وطرح مبادرات عديدة تصب كلها في خانة إجهاض الثورة ومد طوق النجاة للأسد وعصابته التي انتهت منذ عام 2013.
المحاولات السياسية والمكر والخداع والمراوغة مازالت إلى الآن فالمؤامرات على الثورة كانت تحاك عبر مؤتمرات أستانا وسوتشي وغيرها.
التراجع العسكري للثورة السورية مع بعض التشرذم بين الفصائل العسكرية نتيجة رفض البعض للتوحد خلق واقعا جديدا جعل عدة أطراف تطرح حلولا عديدة للتوصل لحل للثورة السورية، فقمنا في منصتنا الإعلام العسكري بإجراء استطلاع للرأي حول الحل المثالي للثورة السورية.
فرأت شريحة واسعة مثلت 66٪ من المستطلعين أن الحل المثالي والذي يضمن حقوق الثائرين هو الاستمرار بالإعداد والتجهيز لمعارك التحرير، فالخيار العسكري هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحقق العدالة للشعب السوري المكلوم، فخلال سنوات الثورة لم تلتزم عصابات الأسد بأي هدنة أو اتفاق أو حتى لم تحترم قوانين الحروب فكانت تستهدف الأهالي بشكل مباشر وبالتالي لا يؤمن على السوريين في حال وجود حلول سلمية من بطش عصابات الأسد والميليشيات الطائفية، إذ دائما ما كانت ورقة السلاح بيد الثوار ورقة رابحة خلال جميع المبادرات.
أما 16 ٪ فرأى أن الحل في انسحاب المحتلين الإيراني والروسي وترك تقرير المصير للشعب السوري، ويرى مراقبون أن عصابات الأسد لن تتمكن من الصمود سوى أسابيع أو ربما أيام حتى تسقط العاصمة دمشق بيد الثوار، فجيش الأسد بات اليوم عبارة عن عصابات لجمع الأموال وتجارة المخدرات فقط والذي يدير المعارك هما المحتلان الإيراني والروسي، وانسحابهما يؤدي لنتيجة حتمية وهي انتصار الثورة، ويعول المراقبون كثيرا على انكسار روسيا إثر حربها على أوكرانيا ومظاهرات الشعب الإيراني.
وذهب 6٪ إلى أن الحل هو في السياسة عبر تشكيل حكومة مشتركة من الثوار وعصابات الأسد إلا أن هذا الحل ربما يبدو بعيدا نظرا لرفض عصابات الأسد لأي وجود للثوار واعتبارهم مجرمين، حيث رأى محللون أن اعتقال واغتيال عناصر المصالحات هو أكبر دليل على فشل أي محاولة للحل السياسي فميليشيات الأسد لن ولم تتقبل وجود الثائرين أو من خرج ضدهم.
ويقول البعض ونسبتهم أيضا 6٪ أن الحل في الوقت الراهن الذي يضمن حقوق الشعب السوري هو الحكم الذاتي والاكتفاء بالمناطق المحررة، وتطوير الدولة السورية الجديدة للانطلاق نحو تحرير باقي المناطق، مستندين بذلك للنجاح الذي حققته إدارة المحرر خلال العامين الماضيين، بينما نشاهد تراجعا بل انحدارا بمناطق سيطرة عصابات الأسد وربما ذلك برهان على قدرات الثورة السورية ببناء دولة حديثة مع قلة الموارد وظروف الحرب القاسية.
أما البعض ونسبتهم نحو 4٪ يرون أن الحل الذي يمكن أن يخرج سوريا من هذه الظروف هو تحرك الأهالي القاطنين بمناطق عصابات الأسد، بعد التذمر الحاصل هناك إثر انعدام الخدمات والفقر والانفلات الأمني، إذ بدأت بوادر الاحتجاجات تظهر بين الفينة والأخرى حتى داخل المناطق الموالية في الساحل السوري، فالأهالي هناك وصل بهم الأمر إلى مرحلة ربما تنتج انفجارا لا يمكن كبح جماحه من قبل عصابات الأسد وبالتالي ثورة جياع ربما تنهي تسلط عائلة الأسد.
أما نسبة ضعيفة لا تتجاوز 2٪ يرون أن الحل في مصالحة عصابات الأسد رغم جرائمه، ويرى محللون أن هذا الخيار بمثابة انتحار فالأنباء الواردة من مناطق درعا وحمص ودمشق تؤكد عدم التزام عصابات الأسد بوعوده بخصوص المصالحات فكل من أجرى تسوية اعتقل والبعض فارق الحياة تحت التعذيب والبعض قتل فورا سواء ممن كانوا داخل مناطق الأسد أو ممن قدموا من تركيا أو الأردن أو لبنان، وقالوا أيضا إن إطلاق الشعارات الخادعة من قبل عصابات الأسد غررت بهؤلاء ، ثم إن نسبة الشباب الذين أجروا عمليات التسوية قليلة جدا وبدأت بالانخفاض بعد اعتقال معظم عناصر المصالحات.
وبناء على ذلك نرى شريحة واسعة تؤيد الخيار العسكري الذي تبنته معظم الفصائل الثورية وجعلته خيارا لا يساوم عليه، وبدا ذلك واضحا من خلال العمليات العسكرية ومعسكرات الإعداد والاهتمام المبالغ بالتحصين وتدشيم جبهات الشمال المحرر ما يؤكد على الخيار العسكري، بينما نرى شريحة ضيقة جدا ذهبت إلى المصالحة تحقيقا لغايات أو ربما مصالح شخصية، وهذا ما تجسده المظاهرات في المناطق المحررة الرافضة لمصالحة من قتل وهجر الملايين.