هناك في الشمال الشرقي لأوكرانيا وفي السادس من الشهر الجاري، بدأت القوات الأوكرانية عمليةً خاصة عبر اقتحام الحدود الغربية الروسية بالقرب من مدينة كورسك الاستراتيجية التي تحوي على مفاعل نووي وعدة كتائب وأفواج للجيش الروسي منتشرة في المنطقة.
بدأت القوات الأوكرانية عمليتها عبر صفقة سرية قامت بموجبها بشراء ذمم العديد من ضباط الحدود الروس بالإضافة لزج أكثر من 500 مقاتل أوكراني خلف خطوط الجيش الروسي، الأمر الذي أحدث جلبة كبيرة وأثّر بشكل كبير على سير العملية لتتقدم القوات الأوكرانية عبر الحدود الروسية مسيطرةً على عشرات القرى والبلدات ضمن منطقة كورسك، قدرت مساحة التغلغل نحو العمق الروسي بحوالي ١٣٠٠كم مربع.
خريطة لبداية الهجوم الأوكراني على كورسك
الهجوم الأوكراني كان عبر قوات نخبوية تعتمد على الأسلوب الغربي في التنقل والهجوم والتوسع، وقد حققت نتائج مذهلة خلال عدة أيام فقط وتمكنت من أسر أكثر من ٣ آلاف جندي روسي حتى الآن، وقتل وجرح المئات الآخرين، كما كان له أثر كبير على العمق الغربي الروسي حيث وصل عدد النازحين المحليين من منطقة العملية لأكثر من ١٣٥ ألف شخص حتى الآن بحسب ما صرح به مدير منطقة كورسك، بالإضافة للآثار الاقتصادية على المنطقة التي تعد من أهم المناطق الاقتصادية الروسية.
فيديو غراف سابق لمنصتنا حول نزوح الروس من كورسك
تسير العملية الأوكرانية كما هو مخطط لها -بحسب تصريح القادة الأوكرانيين- ويبدو أننا سنشهد استنزاف جديد كبير للجيش الروسي، من خلال تشتيت قوات النخبة الروسية بين الهجوم في إقليمي دونباس وخاركيف ضمن الأراضي الأوكرانية، أو التراجع للدفاع عن منطقة كورسك في الأراضي الروسية.
على العموم، فإننا سنرى معركة طاحنة جديدة ولكن هذه المرة على الأراضي الروسية، بعد أن تمكن الأوكران من نقل جزء من المعركة إلى الأراضي الروسية، وسيكمن تأثير هذه المعركة في قدرة الأواكران الحفاظ على مواقعهم والسعي لتوسيع رقعة السيطرة والدخول لجيوب ثانية روسية في أماكن أخرى.
وهنا يكمن الفارق في التخطيط والتنفيذ العسكري الذي أبدع الأوكران به، فعلى الرغم من كون الجيش الأوكراني يمتلك منظومة استخباراتية ضخمة ودعم بكافة المجالات يقف خلفه الناتو إلا أن دقة تنفيذ الجيش الأواكراني للخطط على أرض الواقع قد فاقت توقعات المتابعين والمحللين.
ٰ
بالجانب الآخر يشاهد العالم كله ما فعله عنصر المفاجأة الأوكراني بالمدينة التي كسرت غطرسة الجيش الألماني ذات يوم وخاض فيها السوفييت أكبر معركة دبابات بالتاريخ وانتصروا بها بسبب عنصر المفاجأة ومباغتة الجيش الألماني واليوم أيضا ينتصر عنصر المفاجأة ولكن هذه المرة لصالح الأوكران الذين نقلوا المعارك لإحدى أهم المدن الصناعية الروسية وأكثرها حيوية، ولاندري فلعل المعركة قريبا تنتقل لمدن روسية أخرى بسبب عنجهية الروس وعدم مواكبتهم للحرب الهجينة الحديثة.