لا تزال العملية العسكرية على قسد ضمن أجندة الجيش التركي وهو على أهبة الاستعداد لتنفيذها في أية لحظة، والبرلمان التركي منح الحكومة الموافقة على تنفيذ العمليات خارج الحدود.
أما سبب تأخرها -إذ كان مقررا تنفيذها بعد عيد الأضحى المبارك- فقمة طهران الثلاثية لعبت دورا في ذلك، وكل الأطراف من أمريكا إلى روسيا وإيران ترفض هذه العملية. كما لعب تواطؤ ميليشيا قسد مع عصابات الأسد دورا في ذلك حيث سمحت للروس وعصابات الأسد والميلشيات الإيرانية بتنفيذ مناورات في منطقة منبج، كما كان هناك تصعيد جوي روسي على مناطق الشمال، وهذا كله دليل على فشل قمة طهران, إلا باستثناء قضايا معينة كالملفات الاقتصادية وملفات ضبط الاشتباك ضمن حدود معينة وعدم انزلاق الأمور إلى مواجهات موسعة أو كبرى.
ومن ناحية إيران فهي ترفض العملية لأنها حليفة لعصابات الأسد، وتريد بسط سيطرته على كل الجغرافيا السورية، ويريد الهيمنة على المناطق الشرقية لما فيها من خيرات كالنفط والحبوب والقمح والقطن وغيره، بالإضافة إلى الأهمية الجغرافية للمنطقة الشرقية حيث أنها متاخمة للعراق، وبالتالي هي خط عبور من طهران عبر بغداد إلى دمشق ومنها إلى الضاحية الجنوبية في لبنان.
وتركيا تحاول دائما اللعب على عامل الوقت حيث تريد تمييع موضوع الرفض الإيراني والروسي بشكل خاص وحتى الأمريكي والاستفادة من الوقت الضائع اليوم بسبب انشغال الجميع في الحرب الأوكرانية، وقد تقدم تركيا على عمل عسكري كما ذكر الرئيس أردوغان أن العمل العسكري موجود على الطاولة طالما أن هناك تهديد للأمن القومي التركي.
وأما مقتل الجنود الأتراك في كلجبرين فلا شك أن لذلك علاقة بالرسائل بين الدول المتنازعة، لأن الهدف الأساسي تأخير العملية التركية أو منعها إن أمكن، كما أن التقاطعات السياسية هي الأهم من العمل العسكري وبشكل خاص في بقعة جغرافية مليئة باللاعبين والفرقاء الإقليميين والدوليين، والجميع يخشى الاحتكاك المباشر، ويؤكد على أهمية عدم الانزلاق باتجاه تصعيد شامل أو كبير، لأنه في منطقة مكتظة بالمدنيين والكل يستعمل الرسائل العسكرية هنا وهناك، حتى قاعدة حميميم تعرضت للاستهداف من طيران مسير ولم تتبن أي جهة ذلك، ولكن الروس يفهمون الرسالة تماما، بالإضافة إلى القصف الذي يطال مناطق متعددة لعصابات الأسد وحلفائها في أكثر من منطقة في أرياف حلب وحماة وإدلب، كل هذه المعطيات تشير إلى أن قمة طهران هي قمة فاشلة بامتياز، كما أن المعطى السياسي يؤكد فشلها، فبعد أسبوع واحد من القمة، حدد موعد قمة أخرى ثنائية بين الرئيسين أردوغان وبوتين وهذا يدلل على أن القمة الثلاثية لم تحقق أيا من أهدافها.