بدأت الثورة السورية على أيدي فتية خطت أناملهم كلمات تنادي بالحرية على جدران مدرستهم، إلا أن نظام الأسد الذي استخدم البعث ذريعة لإحكام السيطرة على رقاب الشعب السوري قمع تلك المبادرة بكل ما أوتي من قوة، وكل الناس يتذكرون صورة جثة الفتى حمزة الخطيب الذي كان شرارة البداية في محافظة درعا بالجنوب السوري.
الشباب أعمدة الثورة السورية
إن أول من بدأ بالمظاهرات هم فئة الشباب مع مشاركة محدودة لكبار السن، وذلك لاعتبارات كبيرة فهم الذين عاصروا وربما عايشوا مجازر الأسد عام 1982 فتسلل الخوف إلى قلوبهم متقينين أن هكذا نظام لن يتنازل عن السلطة بتلك السهولة، فكانت المظاهرات تضج بالحيوية بمشاركة الشباب الذين أثبتوا مدى وعيهم من خلال تنظيم صفوفهم عبر التنسيقيات والمجالس المحلية الثورية في سني الثورة الأولى.
الشباب الخاسر الأكبر في ظل سياسة القمع الوحشية
تعد فئة الشباب الخاسر الأكبر خلال الثورة السورية، فمنهم من فقد دراسته إما بسبب طلبه أمنيا من قبل نظام الأسد، أو بسبب فصله نتيجة مشاركته بالحراك الثوري، أو إصابته بعجز نتيجة استهـ ـدافه في إحدى المظاهرات،
والجدير بالذكر أن الثورة المسلحة أيضا كانت من نصيب الشباب الذين التحقوا بها كونهم جنودا منشقين ولن يتركهم نظام الأسد دون انتقام فاضطروا لحمل السلاح دفاعا عن أنفسهم، وشريحة واسعة أخرى حملت السلاح انطلاقا من ضرورة حماية أهاليهم وقراهم من غزو عصابات الأسد.
عزوف الشباب عن الثورة والهجرة هي البديل
شهدت السنوات الأخيرة من الثورة هجرة كبيرة للشباب الثوري تاركين خلفهم واجب الدفاع عن الأرض والعرض، وأجرت الإعلام العسكري عبر موقعها استبيانا شمل أكثر من 1400 شخص بهدف تحديد الأسباب التي أدت لترك الشباب السوري السلاح وهجرتهم خارج البلاد.
وأشار الاستبيان إلى أن الشريحة الأكبر خرجت بسبب عدم وجود الوعي الكافي للشباب بالمرحلة الراهنة حول مخططات المحتل الروسي ، والتي باتت لا تخفى على أحد من خلال مؤتمرات أستانا وسوتشي وغيرها وبلغت نسبته 34 بالمئة..
بينما جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 31 بالمئة الواقع المادي الصعب للشباب نتيجة ظروف الحرب، وقلة فرص العمل داخل المناطق المحررة بسبب عدم الاستقرار واستـ ـهداف المحتل للبنى التحتية والمعامل بشكل مستمر.
وجاء في المرتبة الثالثة بنسبة 23 بالمئة أن التعصب للفصائلية وارتباط الشباب بفصائل وشخصيات معينة جعل الشباب يغادرون الفصيل بانتهائه أو مغادرة شخصية معينة.
وذكر 20 بالمئة من المُستبيين أن الاستسلام للأمر الواقع واليأس سبب مقنع لأولئك الشباب للهجرة، وذلك إثر خسارة مناطق واسعة في الأونة الأخيرة نتجية سياسة الأرض المحروقة من قبل المحتل الروسي.
بينما صوّت 17 بالمئة لانخداع الشباب السوري بالحضارة المزيفة لدى أوروبا ، الذي أغرى الكثيرين ممن فقدوا الرفاهية نتيجة حرب المحتل الروسي وعصابات الأسد على سوريا التي دمّرت البنى التحتية من طرق ومحطات كهرباء ومعامل وغيرها، فخرجوا طلبا للرفاهية المادية.
ويأتي خيار الهجرة استكمالا للدراسة بواقع 16 بالمئة، وذلك بعد فصلهم وطلبهم أمنيا من جامعات الأسد، إلا أن ذلك الأمر قد بدأ بالتراجع بعد إحداث عدة جامعات في المناطق المحررة. وذكر نحو 13 بالمئة أسبابا أخرى لهجرة الشباب السوري.
وتسعى الفصائل العسكرية وإدارة المناطق المحررة للحد من هذه الظاهرة، عبر طرق مختلفة كإحداث الجامعات لإتمام الشباب دراستهم، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع وتعريفهم بخطورة المرحلة الراهنة وضرورة حشد الطاقات لتحرير الأرض من المحتلين، بالإضافة لإنشاء مشاريع تهدف لتوفير فرص عمل للقوة العاملة في المناطق المحررة ودمجهم في سوق العمل إلا أن المعوقات والصعوبات تقف حائلا دون الوصول للمستوى المطلوب فالحرب ما زالت قائمة ونزيف الشباب حتى وإن قلّ فهو الآخر قائم.