حوار صحفي

حوار صحفي مع الناشط الإعلامي “أبو عمر العكيدي” بعنوان:{ ماذا يحصل في دير الزور }

1. ما هي جذور ثورة العشائر وما هي العشائر المشاركة في المعركة الحالية، ومن هو “إبراهيم الهفل” وعلاقته بهذه العشائر؟

بدايةً ثورة العشائر ضد قسد هي الثورة التي انتفض فيها الأهالي وأبناء العشائر ضد قوات قسد عام 2023 وبرز فيها اسم “إبراهيم الهفل” كزعيم لثورة العشائر سابقاً، وتعود جذورها إلى مطالبة العشائر بإدارة مناطقهم وإزالة هيمنة الأحزاب الكردية المتطرفة التي تمارس استبدادها ومضايقاتها على الأحرار من أبناء العشائر واغتالت كثيراً من كوادرهم ونخبهم وشيوخ العشائر منهم كما تسعى لتجنيد شبابهم وإقرار المناهج والأفكار المنحرفة التي تخدم أهدافهم في مدارس المنطقة، وغير ذلك من الانتهاكات الكثيرة التي تمارسها هذه الأحزاب، فجاءت هذه الانتفاضة سعياً لإنهاء هذه الحالة وامتلاك أبناء العشائر حقهم في إدارة مناطقهم وبنائها والنهضة فيها، إلا أن قسد قابلت هذه الانتفاضة بحشد قواتها إليها ومحاصرتها من كل جانب بالحديد والنار فانتهت الثورة بعد أن بسطت سيطرتها على مناطق شاسعة لأيام عدة.
الانتفاضة الأولى قادتها قبيلة العكيدات بشكل أساسي وغيرها من العشائر في المنطقة، وتوسعت الثورة سريعًا بدعمٍ من شخصيات اجتماعية بارزة مثل “إبراهيم الهفل” -وهو شقيق شيخ قبيلة العكيدات الشيخ مصعب الهفل- وبعض ألوية المجلس العسكري بعد حملة اعتقالات بحق قادتها بسبب ميولهم لبناء حكم عربي، وبالرغم من أنه ليس الشيخ الرسمي للقبيلة، إلا أن إبراهيم الهفل يعتبر شخصية مؤثرة وله نفوذ بين أفراد العشائر. حيث حاول التواصل مع مختلف الجهات للبحث عن دعمٍ لمعركته ضد قسد بعد بسط ثورة العشائر على أغلب مناطق قسد في ريف دير الزور، لكنه لم يلقَ دعمًا كافيًا، خاصة الدعم اللازم من فصائل الجيش الحر وتأمين خروج آمن له ولعناصره بعد خسارة المعركة إثر اتباع قسد سياسة التحييد لبعض المناطق ووعود كاذبة لأخرى، والحسم العسكري لمن بقي يقاوم باستخدام كل أنواع الأسلحة بما فيها المدافع والطائرات المسيرة المذخرة. وعندما استنفدت الثورة طاقاتها وخسرت الكثير من رجالها ونفدت ذخيرتها، لجأ أغلب أفراد العشائر إلى المناطق المحررة أو تركيا للبحث عن ملاذ آمن، بينما انتقل القسم الآخر مع إبراهيم الهفل إلى الضفة الأخرى من النهر حيث سيطرة ميليشيا أسد، وبدأوا يشنون الهجمات على قسد من مناطق الميليشيا بين الفينة والأخرى.

2. هل تلقت هذه العشائر دعماً وتدريباً من ميليشيا أسد كما يُذاع، وما طبيعته؟

لا بد من توضيح أن انطلاق ثورة العشائر لم تكن بإشارة لا من النظام ولا غيره بل هي كما ذكرنا سابقاً ردة فعل على سلب القرار والانتهاكات الممارسة بحقهم، بل إن أبناء العشائر الفاعلين المشاركين في الثورة على قسد أوضحوا أن النظام غير قادر على دخول المنطقة حتى لو كان له بعض الشخصيات ممن يؤيده وهذا ما شجعهم للمضي بطريق الثورة على قسد وهم نفسهم أبدوا استعدادهم لمقاومة ميليشيا أسد إذا تقدمت إلى المنطقة، ولكن بعد تراجع ثورة العشائر وانتقال بعض أفرادها إلى مناطق سيطرة ميليشيا أسد، بدأ ما تبقى من أفراد العشائر بقيادة الهفل يتلقى دعمًا وتدريبًا من ميليشيات الأسد، خاصة من قوات الدفاع الوطني المدعومة من إيران.
هذا الدعم شمل توفير الأسلحة والذخيرة، وانخراط قوات الدفاع الوطني تحت مظلتهم ممن تربطهم صلة قرابة وسميت ألوية بأسماء العشائر في محاولة لكسب ولاء العشائر.
الهدف من هذا الدعم هو تمكين هذه القوات من العودة إلى مناطقها والسيطرة عليها، وبالتالي استخدامهم كورقة ضغط ضد قسد والتحالف الدولي.
إيران كانت أيضًا لاعبًا رئيسيًا في هذا الدعم، حيث تسعى إلى استغلال ممن تبقى من أفراد العشائر كأداة لزيادة نفوذها في المنطقة وضمان استمرار الضغط على القوات الأمريكية والتحالف الدولي الموجودين هناك.

3. وجود قسد في المنطقة ليس جديداً، فهل عمل العشائر اليوم ضدها مقصود لمخطط إيراني أسدي أم أن الأخيرين قد امتطيا حراك العشائر العسكري؟

النشاط العسكري الذي يقوم به بعض أفراد العشائر اليوم ضد قسد يمكن النظر إليه من زاويتين؛ فهو من جهة يعتبر أحد آثار الحراك العشائري السابق والذي له جذور وأسبابه التي ذكرناها من سياسات قسد القمعية في المنطقة، فقسد عندما جابهت هذا الحراك المجتمعي خلفت داخل المجتمع بمختلف توجهاته ثأراً عميقاً معها، ومن الطبيعي في مثل هكذا حالات أن يولد السخط المجتمعي بعض النشاطات للانتقام منهم.
ومن جهة أخرى بعد أن استطاعت قسد محاصرة ثورة العشائر وإنهاء حالة التوتر وبعد أن توجه بعض أفراد العشائر (وهم قلة بالنسبة لمجموع الثوار) إلى مناطق سيطرة النظام المجرم بدأت هذه الميليشيات تستغل هذا الأمر لصالحها حتى أصبحت اليوم هذه الغارات جزء من مخطط إيراني أسدي لاستغلال أفراد العشائر لتحقيق أهدافهم وتعزيز نفوذهم في دير الزور ومحيطها.

4. ما هو موقف عشائر المنطقة الشرقية من الثورة السورية ودورها سابقاً ولاحقاً؟

أبناء عشائر المنطقة الشرقية كانوا العمود الفقري للثورة السورية في بداياتها، حيث انخرط جلّ أبناء هذه العشائر في الحراك الشعبي السلمي والمسلح ضد ميليشيا أسد.
ولعبت هذه العشائر دورًا رئيسيًا في دعم الثورة في مختلف المجالات، خاصة في المراحل الأولى التي بذلوا فيها جهوداً كبيرة كبدوا فيها ميليشيا أسد خسائر كبيرة وكانت لهم مشاركات في المعارك في مختلف أنحاء سوريا وكان أول ريف يتحرر بالكامل هو ريف دير الزور.
مع تعقيد الوضع في المنطقة الشرقية وبسط داعش سيطرتها عليها بعد معارك دامية استمرت سبعة أشهر مع الفصائل الثورية، ثم سيطرة قسد عليها، بقي عموم العشائر على موقفهم مع الثورة السورية ولكن حالهم كحال أي مجتمع لا يمكن أن يهجرَ مجتمعٌ كامل منطقةً بأسرها ويغادرها، ولكن عموم شباب العشائر في أغلب المناطق خرجوا خارج سيطرة ميليشيات الأسد وقسد إلى الشمال المحرر وتركيا ودول المهجر، ومن بقي من الناس غالبهم يعيشون كمدنيين مستضعفين في مناطقهم، أما حال شباب العشائر ممن بقوا في مناطق قسد فأكثرهم ثبت وتمسك بموقفه في دعم الثورة وفضّل البقاء في مناطق ميليشيا قسد ومنع تغلغل أفكار قسد الدخيلة عليها وهناك جزء آخر التحق بالمجالس العسكرية العربية في المنطقة، بينما انحاز آخرون وهم قلة قليلة إلى مناطق ميليشيا أسد.
لذا يبدو المشهد معقداً جداً في المنطقة خاصة أنها تقع تحت احتلالات متعددة، ويسعى كل طرف فيها أن يمدّ نفوذه ويستقطب القوى الشعبية على الأرض ولكن المشغلين الأساسيين قد يرغبون بالحفاظ وبقاء الوضع ساكنا رغم المناوشات التصعيدية من الطرفين، وفي النهاية يبقى صوت أحرار دير الزور وعشائرها الحرة يتردد صداه أن لا بد لكل هذه القوى أن ترحل ومن يبقى فقط هم أبناء المنطقة وأهلها يبنونها وينهضون بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى