ربما يكون لتزامن تصعيد المحتل الإسرائيلي الأخير مع التصعيد الأمريكي ضد الميليشيات الإيرانية علاقة بمفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي، فهذه ضغوط عسكرية لتحقيق مكاسب سياسية.
وأما موقف المحتل الروسي فلا شك أن هناك تفاهما أمنيا بين الروس والإسرائيليين منذ بداية الثورة السورية، وروسيا على دراية بكل هذه التحركات، رغم وجود توتر بينهما في الآونة الأخيرة إذ أغلقت على إثره الوكالة اليهودية في موسكو، كما أن لذلك ارتباطا وثيقا بالحرب في أوكرانيا لأن موقف رئيس الحكومة الإسرائلية المؤقتة “لبيد” سلبي جدا منها وهو يقف في صف أمريكا وأوكرانيا، وطالب بمعاقبة بوتين فحاول الأخير أن يزعجه بإغلاق الوكالة اليهودية، وأما في زمن “نتنياهو” فعندما كانا يختلفان يأتي” نتنياهو” إلى بوتين -حيث كان بينهما علاقة شخصية جيدة- ويتفاهمان، فعندما قصف مطار دمشق الدولي انتقده الروس واستدعوا السفير، ولكن هذا كله لذر الرماد في العيون، فعمليا المحتل الروسي متفاهم مع المحتل الإسرائيلي وعلاقته به أقوى من علاقته بعصابات الأسد بكثير.
أما المحتل الإيراني فيرد أحيانا على الأمريكان في سوريا، ولكنه هو وعصابات الأسد عاجزون عن الرد على المحتل الإسرائيلي، فيكتفون بالتصريحات بأنهم يحتفظون بحق الرد ومن هذا الكلام الفارغ، فلو أراد المحتل الإسرائيلي وأمريكا إسقاط عصابات الأسد وإخراج المحتل الإيراني لتأتى لهما ذلك وبوقت قصير، ولكن نظام الملالي في طهران بسلوكه في خلق الحروب والفوضى ونشر الطائفية في المنطقة يخدم أهداف كل من المحتل الإسرائيلي وأمريكا في مشروع الشرق الأوسط الجديد فهما يحافظان عليه مع إضعافه لكيلا يتغول على مصالحهما فحسب.
وعلى ما يبدو فإن عصابات الأسد نقلت مركز البحوث العلمية من دمشق إلى مصياف مع بداية الثورة، وهو الآن يحظى بحماية المحتل الروسي وهو مركز متقدم للأبحاث وتصنيع المواد الكيماوية، فحتى البراميل المتفجرة تصنع فيه، وقد تصنع فيه أسلحة بيولوجية بمساعدة المحتل الروسي، لذلك فالمحتل الإسرائيلي يقصف هذه المواقع، لأنه يعلم أنها قد تشكل خطرا داهما عليه في المستقبل، إضافة إلى أن الإيرانيين ينقلون أسلحة متطورة ومختلفة إلى سوريا، وربما خزنوا بعضها في مصياف، وهذا هو سبب قصف المنطقة بكثافة.