مع اقتراب العام التاسع على تدخل روسيا في الحرب السورية إلى جانب ميليشيا أسد وتحقيق حلمها في الوصول إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط كأول تحرك عسكري خارج محيطها الجغرافي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وبناء كبرى القواعد العسكرية على شواطئه كعربون قدمه بشار الأسد لروسيا كرد للجميل في الوقوف إلى جانبه إلا أن روسيا لم تكتف ببناء قواعدها العسكرية والوصاية على بشار الأسد والتحدث نيابة عنه أمام المجتمع الدولي فقط.
بل عمدت منذ أول يوم من تدخلها إلى جعل الأراضي السورية حقلاً لاختبار أسلحتها وميدانا لتطبيق أساليبها الإجرامية على رؤوس الأطفال والنساء وهذا ما أكده وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، عام 2022م، خلال لقاء له مع كوادر شركة “روست فيرتول” لصناعة المروحيات، حيث قال : إن بلاده اختبرت أكثر من 320 نوعا مختلفا من الأسلحة في سوريا، بما فيها مروحيات “روست فيرتول”، متابعاً قوله بكل فخر إن غالبية الأنظمة الروسية الحديثة التي استُخدِمت في سوريا تؤكِّد أن الجيش الروسي الحالي أضحى أكثر كفاءة، ولا يمت للجيش الذي ورثته البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بصلة، وإن زمن استعمال المعدات العسكرية المتهالكة قد ولَّى بلا عودة، بعد أن كانت روسيا قد عانت من هذه الأزمة في حربها الدامية ضد الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، وفي صراعها مع جورجيا عام 2008.
وفي ذات السياق أصدر موقع “مليتيري فايلز” الحربي في مارس/آذار 2021 أن أكثر الأسلحة تطوُّرا التي استخدمتها روسيا في حربها على السوريين هي: مقاتلات “Su-24s”، و”Su-25” و”Su-35″، و”Su-35″، وطائرات “Tu-95″، و”Tu-160” إضافة إلى “Tu-22M3″، كما شاركت مروحيات “Mi-28″، و”Ka-52″، وطائرات من دون طيار من طراز “Orlan-10″، إضافة إلى أنظمة الدفاع الصاروخي “S-300″، و”S-400″، و”Pantsir-S1″، و”Buk-M2” في دعم نظام بشار الأسد. وشملت الأسلحة البرية المستخدمة: مدرعات “Typhoon-K”، وراجمات “Tos-1” المحمولة على الدبابات بأنواعها، ودبابات “T-90″، وناقلة الجند المدرعة “BTR-82A”، وغيرها.
وفي الآونة الأخيرة وإبان انخراط روسيا في الحرب ضد أوكرانيا ظهر سلاح جديد وهو طائرات انتحارية بدون طيار تجارية من طراز FPV فتك بقوات وعتاد الجيش الروسي الأمر الذي استدعى من روسيا العمل على إدخاله ضمن صناعتها واختباره لميزاته المتعددة وقلة تكلفته ومع انشغال روسيا في حربها في أوكرانيا وتخفيض عدد قواتها وعتادها وأسلحتها في سوريا إلا أنها لا تزال تعتبرها الساحة المفضلة لها لاختبار أسلحتها ففي سوريا لا توجد أسلحة أمريكية أو أوربية ودعم مفتوح للثوار حتى تخشى روسيا من استخدام الأراضي السورية كحقلاً للتجارب فيها.
فمنذ أكثر من عام أدخلت القوات الروسية طائرات FPV الانتحارية إلى الشمال السوري وبدأت اختبار عدة نماذج من خلال استهداف خطوط التماس والمدنيين وآلياتهم في القرى القريبة منها ومنذ بداية عام 2024 وحتى 15 تموز استهدفت روسيا بالتشارك مع جيش النظام 127 هدفا بعدد طائرات انتحارية بلغ 606 طائرة من طراز”FPV” (منها 94 طائرة تم إسقاطها) نتج عن تلك الاستهدافات 22 ضحية وبإصابات بلغ عددهم 47 بينهم امرأة و4 أطفال.
تصاعد ملحوظ ومكثف تحاول روسيا من خلاله تطوير هذا النوع الجديد من الأسلحة من خلال استهداف المدنيين وممتلكاتهم في شمال غرب سوريا ما يمنحها تغذية راجعة لحل المشاكل (فنية – تقنية) التي تطرأ عليها في الميدان لتفاديه في المرة المقبلة ، كما يزيد من المسؤولية الملقاة على غرفة عمليات الفتح المبين الجسم العسكري الذي ينطوي تحته الفصائل العسكرية في إدلب لمواجهة هذا النوع من السلاح في حال تم اعتماده ضمن تسليح جيش أسد أو حتى إن بقي مركزياً بيد روسيا على جميع الأصعدة والمستويات بدءاً من الاستراتيجية ومروراً بالعقيدة القتالية وما تستوجبه من تغييرات سواء في الدفاع أو الهجوم وانتهاء بالتصنيع الحربي والتكتيكات التي تتناسب مع دخول هذا النوع من الأسلحة لميدان المعركة والحرب المقبلة.