تتمتع سوريا بأهمية كبيرة لوجود طرق المواصلات البرية والبحرية من دول الخليج العربي والأردن والعراق، وكذا إيران وتركيا، كما أنها تطل على شرق البحر الأبيض المتوسط، أضف إلى ذلك غناها بالثروات والخيرات التي جعلت منها هدفًا للقوى المتصارعة على مر التاريخ.
المحتل الفرنسي أول محتل أقتلعه الشعب السوري
احتل الفرنسيون جزءا من سوريا في ظل مؤامرتين سريتين هما اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور عام 1920، ما دفع السوريين إلى إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية وتتويج الملك “فيصل” عليها، فاجتمع الفرنسيون والإنكليز في مؤتمر “سان ريمو” ثم قرروا تطبيق الانتداب على كامل سوريا، فاتبعت فرنسا سياسة طائفية تقوم على تمزيق البلاد وتقسيمها إلى عدة دويلات على أسس طائفية بهدف إضعاف وحدة البلاد وقوتها، فرفض الشعب السوري الاحتلال وسياساته التي قامت على نهب خيرات البلاد واستغلال مواردها وتجزئتها وخنق الحريات وملاحقة الأحرار، فانطلقت الثورة السورية الكبرى عام 1925 التي استمرت لأكثر من عامين وأجبرت المحتل الفرنسي على تلبية بعض المطالب الوطنية، ثم في ال17 من شهر نيسان عام 1946أجلي المحتل الفرنسي من سوريا صاغرا مدحورا.
خيانة المجرم حافظ الأسد زرعت محتلا جديدا في سوريا حتى اليوم
في الخامس من شهر حزيران عام 1967 شن المحتل الإسرائيلي حرباً على سوريا فانسحب الجيش السوري بسرعة بعد أن أبرمت صفقة بين المحتل الإسرائيلي والمجرم حافظ الأسد الذي كان حينذاك وزيرا للدفاع بواسطة شقيقه المجرم رفعت الأسد بقيمة ملايين الدولارات التي أودعت في حساب خاص ببنوك سويسرا، وكان قد أُرهب الجنود المرابطين بالهضبة بأنهم سيتعرضون للحصار والإبادة من المحتل الإسرائيلي.
ومن أكبر الدلائل على خيانة المجرم حافظ الأسد خلال الحرب توقيعه على البيان الذي أذيع في الساعة 9:30 من صباح العاشر من شهر حزيران والذي أعلن فيه سيطرة قوات المحتل الإسرائيلي على مدينة القنيطرة، رغم أنها لم تدخل المدينة إلا بعد 17 ساعة من إعلان البيان، ويرى جميع المحللين العسكريين أن تسليم هضبة الجولان بما تتمتع به من طبيعة جغرافية وعرة كان مؤامرة حاكها المجرم حافظ الأسد للوصول إلى سدة الحكم في سوريا.
وفي عام 1974 أعاد المحتل الإسرائيلي إلى سوريا مساحة 60 كم2 من الجولان تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية “الرفيد” في إطار اتفاقية فك الاشتباك.
انقلاب المجرم حافظ الأسد على رفاق دربه أكبر احتلال عانى منه الشعب السوري
لم يقتصر احتلال سوريا على المحتلين الخارجين بل كان هناك احتلال أخطر وأكثر شرا وهو اغتصاب آل الأسد الحكم في سوريا، ففي شهر تشرين الأول من العام “1970”، أعلن الرئيس الأسبق “نور الدين الأتاسي” استقالته من منصبه كرئيس للجمهورية السورية، ورئيس للوزراء، وأمينٍ عامٍ لحزب البعث الحاكم، احتجاجاً على تطاول “العسكر” على القرار السياسي في البلاد، الأمر الذي دعا القيادة القومية للحزب إلى عقد مؤتمر استثنائي، وكانت الغلبة فيه لفريق اللواء “صلاح جديد” الذي قرر بتصويت “82” عضوًا من أصلِ “85”، لكن المجرم حافظ الأسد ردَّ على ذلك باعتقال رئيس الجمهورية المستقيل “نور الدين الأتاسي” والأمين القطْرِي المساعد اللواء “صلاح جديد” وعشرات البعثيين، ثم أطلق على انقلابه اسم “الحركة التصحيحية”.وبعد 3 أشهرٍ قضاها رئيساً للوزراء، قامت القيادة القُطْريَّة بترشيح المجرم “حافظ” لمنصب رئيس الجمهوريَّة، وأُجري استفتاء في ال12 من آذار عام 1971، وزعمت السلطات الانقلابية أنَّ المجرم حافظ الأسد حصل على 99.2% من أصوات السوريين.
استلام الأسد الابن حكم سوريا استمرار للاحتلال أكبر
بعد هلاك المجرم حافظ الأسد عام 2000 تولى ابنه المجرم بشار الأسد منصبه وهو ابن 34 عاما بعد أن عدّل الدستور خصيصا لتمكينه من تولي منصب الرئاسة وهي السابقة الأولى لتوريث السلطة في دولة من الدول المفترض أنها ذات نظام جمهوري في المنطقة، وها هو المجرم الابن يقوم اليوم بما قام به والده، الذي أسَّس لحكمٍ طائفي وعائلي لم تعرف سوريا مثيلاً لجرائمه الوحشية، طوال 5 عقود من الزمن، بتدميرٍ معظم المدن السورية فوق رؤوس أصحابها، وتشريد للملايين، واعتقال مئات الألوف من الشعب السوري.
المحتل الإيراني يغتنم ضعف عصابات الأسد للتمركز في سوريا
قدّم المحتل الإيراني دعماً عسكرياً مباشراً لعصابات الأسد من خلال تزويده بالأسلحة والذخائر، وتقديم المشورة العسكرية، كما أرسل ميليشيات شيعية من العراق وأفغانستان وباكستان تعمل بالتنسيق مع عصابات الأسد، بالإضافة إلى دعم مالي كبير، ما أسفر عن وجود عسكري مكثّف في المناطق الإستراتيجية في سوريا، ولا يزال يبسط سيطرته على مناطق عدة على الرقعة السورية.
محتل جديد بطلب منه الأسد الابن إنقاذه من السقوط
بدأ التدخل الروسي في سوريا في ال30 من شهر كانون الأول عام 2015 بطلب من المجرم بشار الأسد وذلك عندما اقترب كثيرا من السقوط بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها الفصائل الثورية، ما فتح الباب لتدخل آلاف الجنود الروس الذين يتمركزون اليوم في أكثر من 30 قاعدة ونقطة عسكرية، أبرزها قاعدة “حميميم” الجوية في محافظة اللاذقية التي تنطلق منها أغلب الطائرات التي تقصف المناطق المحررة، كما شكل المحتل الروسي أيضا مجموعات عسكرية محلية تابعة له تتحرك بإمرته بشكل مباشر، أبرزهما ما يسمى “الفيلق الخامس” و”قوات النمر”.
عانى الشعب السوري على مدى التاريخ من الظلم والاضطهاد والتضييق عليه ولكنه كان أقوى من كل الاحتلالات فصبر وقاتل وقاوم ودفع الغالي والنفيس حتى نال حريته وكرامته وسينجح – بإذن الله- عما قريب في قلع عصابات الأسد المجرمة وميليشياتها ومن أتت به من المحتلين فمهما طال أمد الاحتلال سوف يزول فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.